التاريخ : 2020-10-09

يأتي الحظر الشامل من جديد ليفرض شروطه من جديد على العائلات، خصوصا وأنه يمتد لـ48 ساعة. ذلك الخوف الذي يعتري العديدين من مجرد الإعلان عن الحظر، يقابله اطمئنان من محاولة السيطرة على الوضع الوبائي في الأردن، خصوصا بعد ازدياد أعداد الاصابات.

ومجرد الاعلان عن الحظر، بدأت عائلات تفكر مليا بكيفية قضاء الوقت بالحظر، خصوصا من آبائهم كبار السن ورعايتهم، مع المحافظة بالوقت ذاته على الاجراءات الوقائية والاحترازية، وحماية النفس والآخرين، والمحافظة على التباعد الاجتماعي قدر الامكان.

وعلى الرغم من أن كثيرا من العائلات فضلت البقاء في المنزل خلال فترة حظر التجول الذي فرضته الجهات المعنية بهدف تتبع المنحى الوبائي في المملكة، إلا أن عائلات أخرى بحثت عن متنفس في أماكن أخرى كانت معظمها في بيوت الأهل في قرى ومحافظات المملكة، والبقاء بجانب ذويهم من كبار السن، مع الحفاظ على الاجراءات الوقائية.

ويتوجه الكثيرون لبيت الأهل "الكبير” من أجل تقديم الرعاية للآباء خلال هذه الفترة، وعادةً ما يكون يوم الجمعة هو يوم "لمة” العائلات في بيت "الجد”. لذا، تعتزم عائلة ابو يمان المكونة من ثلاثة أطفال، ووالديهم، أن يكونوا بالقرب من الأجداد في هذه الفترة، خاصة وأنهم العائلة الوحيدة التي تسمح لهم ظروفهم بالتواجد في تلك الفترة.

وتقول أم يمان إن عائلتها هي الأقل عدداً والأقرب من حيث المسافة بينهم وبين بيت الجد، ولم يستطع أحد من باقي أفراد العائلة التواجد، لافتة إلى أن كبار السن هم بأمس الحاجة لوجود أحد بقربهم لمساعدتهم وخدمتهم وإعطائهم العلاج اللازم في الوقت ذاته، إن تطلب الأمر ذلك.

وكان مدير خلية الأزمة في إدارة الأزمات العميد مازن الفراية قد صرح خلال الإيجاز الصحفي مساء يوم الثلاثاء إنه تقرر فرض حظر تجول شامل لمدة 48 ساعة اعتبارا من الساعة 12 منتصف ليلة الخميس/ الجمعة، وحتى منتصف ليلة السبت/ الأحد من كل أسبوع، وهي أيام العطلة الأسبوعية، مشيراً إلى أنه "سيتم تكرار تطبيق الحظر بنفس الآلية خلال الاسابيع المقبلة وحتى اشعار آخر ولن يسمح لأحد بالخروح بما فيهم حملة التصاريح، باستثناء فرق التقصي الوبائي، والكوادر الطبية والتمريضية، وعدد محدود جدا من القائمين على ديمومة عمل المؤسسات والقطاعات الحيوية”.

وفي الوقت الذي يرى فيه كثيرون ان الخروج من المنزل والتوجه لمناطق اخرى قد يكون نوعا من عدم الالتزام بالحظر المفروض، إلا أن آخرين يعتقدون أن بعض الحالات تتوجه للإقامة في مناطق أخرى، قد تكون رعاية الوالدين سببا في تنقلهم، أو يكون في مكان آخر يقيمون فيه بمناطق يتوفر فيها نوع من الترفيه والبعد عن مراكز المحافظات.

في حين أن شادية محمد، التي تقيم في إحدى محافظات الجنوب، عزمت منذ يوم الخميس على أن تتوجه للمكوث مع عائلتها المكونة من اربعة افراد، مع والدتها التي تقيم في محافظة أخرى، وتؤكد أنها قررت هذا لسببين وهما "الترفيه عن ابنائها بتغيير الأجواء خلال يومي الحظر، كونهم عانوا من ضغوط التعلم عن بعد طيلة الفترة الماضية، والسبب الآخر هو أن والدتها تقيم وحدها في البيت وهي فرصة للترفيه عنها كذلك كنوع من التغيير وكسر جمود الحظر النفسي والأسري”.

وتستغرب شادية من أن البعض يرى ذلك تهربا من المسؤولية الاجتماعية التي زاد الحديث عنها مؤخرا، إذ إن عددا كبيرا من العائلات تقطن في عمارات سكنية متزاحمة ولا ضير من أن يكون هناك مساحة للحركة أوسع سواء في بيت الأهل أو الأجداد، أو بمكان يمكن توفير نسبة ترفيه للعائلة "فالجميع يعاني من الضغوط والتوتر ولا أحد مستثنى من نتائج الحظر السلبية والإيجابية على حد سواء”، على حد تعبيرها.

الاستشاري والخبير التربوي الدكتور عايش النوايسة يرى أن جائحة كورونا والانتشار المجتمعي الواقع الآن أحدث آثارا كبيرة في حياة الناس جميعا من دون استثناء، ومن تلك الآثار ما هو سلبي ومنها ما هو إيجابي في بعض الجوانب، ولعل واحدة من أكبر التناقضات أن مقاومة الجائحة تُبنى على التباعد الاجتماعي بين الناس في الأسواق والعمل والمطاعم وغيرها، لكن الفائدة المتحققة هي التقارب الاجتماعي بين الأجداد والأحفاد بشكل خاص والأسر بشكل عام.

ويضيف النوايسة أن الحظر الأسبوعي الذي فرضته الجهات المختصة على جميع المواطنين وفي مختلف المحافظات من عدم الانتقال من العاصمة والمدن إلى المحافظات والأرياف والبوادي، جعل الكثيرين يخططون للبقاء مع الاهل، وهذا يعتبر شكلا من أشكال الآثار الإيجابية من ناحية التواصل الاجتماعي بين الآباء والأبناء والأحفاد وعلى بناء شخصيتهم وإخراجهم من حالة العزلة التي يواجهونها يوميا من خلال استخدام التقنيات الرقمية، وكذلك يسهم في ربطهم بماضيهم وحاضرهم ويعرفهم بوطنهم وبالعادات والتقاليد التي تمارس من خلال تواجدهم مع أجدادهم، عدا عن كونها ساهمت في خلق سلوكيات إيجابية في التعامل مع تلك الأزمات الجديدة على المجتمع.

ويؤكد النوايسة أهمية أن يكون هناك ثقافة صحية وقائية لدى المواطنين مهما كان موقعهم الجغرافي او العملي والأسري، وهذا يعتبر جزءا من الثقافة المستحدثة لدى الافراد خلال هذه الجائحة، ويتطلب منهم أن يكونوا على مستوى عال من الثقافة والحرص على سلامتهم وحماية المحيطين، ويجب ان يكون هذا مُطبقا خلال هذه الفترة ومراعاة ظروف الحظر. (الغد)